الجمع بين ما ورد في النهي عن استلقاء المسلم على ظهره، مع رفع إحدى الرجلين على الأخرى وفعل النبي عليه الصلاة السلام ذلك

موقع أيام نيوز

قال ابن حجر في “فتح الباري” (1/563):” قَوْلُهُ: ( وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ): قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِيهِ أَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ.

أَوْ: يُحْمَلُ النَّهْيُ حَيْثُ يُخْشَى أَنْ تَبْدُوَ الْعَ@وْرَةُ وَالْجَوَازُ حَيْثُ يُؤْمَنُ ذَلِكَ.

قُلْتُ: الثَّانِي أَوْلَى مِنِ ادِّعَاءِ النَّسْخِ، لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ، وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ الْبَيْهَقِيّ وَالْبَغوِيّ وَغَيرهمَا من الْمُحدثين.

وَجزم ابن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ  .

وَقَالَ الْمَازِرِيِّ إِنَّمَا بَوَّبَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ، لَا فِي الْكُتُبِ الصِّحَاحِ، النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى.

لَكِنَّهُ عَامٌّ، لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعُ، وَاسْتِلْقَاؤُهُ فِي الْمَسْجِدِ: فِعْلٌ ؛ قَدْ يُدَّعى قَصْرُهُ عَلَيْهِ، فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ.

لَكِنْ لَمَّا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ: دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ خَاصًّا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،َ بَلْ هُوَ جَائِزٌ مُطْلَقًا.

فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا: صَارَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَعَارُضٌ ؛ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا.

فَذَكَرَ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ.

وَفِي قَوْلِهِ عَنْ حَدِيثِ النَّهْيِ: لَيْسَ فِي الْكُتُبِ الصِّحَاحِ: إِغْفَالٌ ؛ فَإِنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، فِي اللِّبَاسِ، مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.

وَفِي قَوْلِهِ: فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ: نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْخَصَائِصَ لَا تَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ.
وَالظَّاهِرُ: أَنَّ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ. وَكَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الِاسْتِرَاحَةِ، لَا عِنْدَ مُجْتَمَعِ النَّاسِ ؛ لِمَا عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ مِنَ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمْ بِالْوَقَارِ التَّامِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “. انتهى

وبهذا يظهر وجه الجمع بين نهيه صلى الله عليه وسلم وفعله.

والله أعلم.

تم نسخ الرابط